رسالة إلى المذيع عبدالعزيز العيد !
إلى الأستاذ : عبد العزيز العيد حفظك الله
قرأت لك تغريدة حول إكمال مسيرتك الإعلامية 32 عاما ً أطال الله في عمرك، وأريد أن أخبرك يا سيدي أن هذا العمر الذي يشكل مسيرتك هو بنسبة لنا حياتنا! بل هو أجمل فترات أعمارنا يوم أن كنا نتحلق أمام الشاشة نتابعكم بشغف ، عندما كنت أتقاتل أنا وأشقائي حول بعض الأماكن الاستراتيجية التي تمكنا من رؤية التلفاز بصورة أفضل ، يوم أن كانت أمي تعد لنا الطعام وتنادينا لنساعدها في حمله، ونركض بكل ما أوتينا من قوة حتى لا يفوتنا شيء ونحن نتابعكم ، مازلت أذكر تلك السفرة المنقوشة بكل الألوان وتلك الصينية التي كانت تحمل كل أشكال الأكواب صغيرها وكبيرها، وذلك الصحن الدائري الذي كانت تغوص فيه أيدينا نتشارك الطعام وكل منا يعرف حدوده، وكأننا نحكم أراضي نرفض أن تغتصب ! وعلى غفلة من أحدنا وهو فاتح فاه يتابع التلفاز تطيش يده على مكان الأخر لتتعالى الصرخات، أو يسرق أحدنا دجاجة أو لحمة الأخر وهو غافل يتابعكم ثم يبدأ القتال مابيننا لتعاقبنا أمي بإغلاق التلفاز ، يوم أن كنا نعتلي سطح منزلنا ،ونوزع بعضنا البعض من مكان “الاريل ” إلى مكان التلفاز نتناقل أصواتنا ! ” حرك يمين .. يسار ” “صلح لا ما صلح ” حتى نصلح التلفاز، ثم نعود أنا وأشقائي ونشوة الانتصار تعلونا، نتحلق من جديد حول التلفاز لا يفسد جمال متابعتنا إلا صراخ أمي لنذاكر دروسنا ، حينها نقوم بفرش دفاترنا أمام التلفاز، كانت أصواتكم ترعانا تحمسنا لننهي واجباتنا بأسرع وقت لنتفرغ لمشاهدتكم ! يوم أن كانت تأتي فقرة الإعلانات، ونقسم الإعلانات ما بيننا ثم نرى كل واحد وحظه من الرقم الذي اختاره نضحك على الاختيارات، والمنتصر من كان نصيبه الأجمل ! كانت أجمل الألعاب التي نمارسها، يوم أن كان أبي يذهب بنا لسوق الخضار، وكانت أجمل الرحلات في أعيننا! ثم نعود متلهفين مشتاقين لتلفاز متحسرين على فوات برامجنا ، يوم أن كنت أعبث بسني وسقط بيدي وذهبت أركض لأمي لأريها السن! قالت لي: أرميه مع الشباك وقولي ” يا شمس خوذي سن حمار و عطيني سن غزال ! ” ووقفت على الشباك ولكني لم أرى الشمس! فقد كان الوقت ليلاً، ورميت سني للقمر ومن الغد وأنا مستلقية أتابع ” سالي ” تذكرت سني والخطأ الذي اقترفته وخشيت أن أبقى بلا سن! وذهبت أركض أبحث عن سني في الأسفل حتى وجدته ورميته لشمس! وعدت مسرعة لأشاهد ما تبقى من سالي ! يوم أن قال عمي” أن هنالك صيحة ستأتي ومن لا يضع قطن في أذنيه سيموت! وذهبت أركض لأمي أريد قطناً وهي تبتسم وتقول لي “لا صيحة ولا شيء” ولم أقتنع بكلامها لأذهب لتلفاز فهو من سيأتي بالخبر! وأجلس أمامه أنتظركم تنقلون خبر الصيحة! لأنام أمام التلفاز وأصحو من الغد، أسأل أمي هل أتت الصيحة؟ لتقول لي أتت وذهبت ! وأحمد ربي أنها أتت وذهبت وأنا لم أسمعها !! يوم أن تجبرنا أمي على النوم مبكراً، وعندما تذهب لنوم نتسلل من غرفتنا أنا ، وأشقائي لنعبر لغرفة التلفاز ونجلس نشاهد في الظلام وعندما نسمع صوتاً نغلقه، ونمثل أننا نائمون!تختلط مشاعرنا بين الخوف والضحك، ثم نعود أدراجنا خائفين لغرفتنا نتحسر على التلفاز ، يوم أن كنا نجتمع في الشتاء حول مدفئتنا نتقاتل من يضع خبزته أولاً على المدفئة، متلحفين ببطانياتنا وقد أغلقنا أنوار الغرفة ليبقى نور التلفاز والمدفئة، أجمل الطقوس التي نفتعلها لشتاء! ، يوم أن كان يأتي رمضان ويجمعنا الفطور على أحاديث الشيخ الطنطاوي ونختم يومنا بسحورنا على حديث الشيخ الشعراوي ،أحاديث الشيخ المسند ، العيد ، مواسم الحج ، الأيام والليالي ، ماذا أقول لك يا سيدي؟! كنتم تعيشون معنا لحظة بلحظة ، كانت أجمل أيامنا لأنكم كنتم تجمعوننا ، لكن تفرقنا وتغير كل شيء ، يوم قررنا أن ندخل القنوات المتعددة وأراد كل واحد منا أن تكون له غرفة مستقلة، بشاشات يحركها بيديه ويشاهد فيها ما يشاء، ولم نعد نعلم عن بعضنا البعض، وكنا في السابق نلتف حول أمي لنحل قضية الزجاجة التي اخترقت رجل أخي ! تغيرنا يوم اعتمدنا الطاولة، والملاعق، والأطباق المتفرقة التي يضع فيها كل منا أكله لوحده ،دون صحن يجمعنا وأيدي تتشارك معنا طعامنا ، وأجساد متلاحمة تصطك بنا لتشكل دائرة متحدة !! فقدنا لذة المشاركة وتلبسنا مرض التوحد ! تغيرنا يوم أكثرنا تغليف أقدامنا، ولم تعد تلامس الأرض فأفقدتنا الإحساس بكل شيء ! تغيرنا يا سيدي فقد كنا أنقيا نفيض طهراً من الداخل على بساطة ملابسنا ، وأقدامنا المتسخة ، وأطباقنا ، وأكوابنا المشكلة! اليوم نحن ملوثون من الداخل على رغم ما نرتديه من أفخم الملابس وما نقتنيه من أجمل الأطباق، والأكواب وكل شيء ! أفسد طهارتنا العالم الأكبر الذي أغرانا للخروج من عالمنا الصغير لنفقد جماله و بركته ! أشتاق يا سيدي لتلك الأيام، ويقتلني الحنين إليها ، ولو وضعوا كل ملذات الدنيا بين يدي، وأن تعود ساعة من تلك الأيام الجميلة، لخترت تلك الساعة ونحن نجتمع أنا وأبي وأمي واخوتي حول التلفاز نتشارك جمال رؤيتكم، متفاعلين مع برامجكم وكأننا أسرة واحدة معكم ! إن كانت تلك 32 عاماً تشكل لك مسيرة، فهي تشكل لنا جزء من أجمل أيام أعمارنا ، نتمنى أن تعود، وكلما رأيناكم تذكرنا تلك الأيام الجميلة الأصيلة المرتبطة بكم، والتي كان فيها المذيع مربياً ، يحمل قيمة الكلمة لذلك أشكركم بعدد أيام 32 عاماً .. بحجم السماء .. بحجم الكون على كل لحظة جميلة صنعتموها لنا، مهما كتبنا لن نوفيكم حقكم
فشكراً من أعماق القلب لك ولجميع
” كبار المذيعين السعوديين “
وأمد الله في أعماركم جميعاً
من جيل الطيبين
*لا يجوز قول ” يا شمس خوذي سن حمار و عطيني سن غزال ” وهي من المعتقدات الخاطئة .
👍🏻👍🏻👍🏻
عبرت عن مشاعر ذلك الجيل كله وكأن بيوتنا بيتا واحد وعوائلنا عائلة واحدة هي ذات العادات والألعاب والطقوس … تجتمع الاسرة الكبيرة على كل شيء حتى في النوم كان الاولاد في عىفة فرشهم بجوار بعض واذا استيقظنا طويناها لم نعرف ترف الغرف الخاصة ولا الأكل بصحون متفرقة … تلك الأيام التي لن تعود
وهب الزمان أعادها …. هل للشبيبة من يعيد
شكرا لإبداعك الذي يحرك كامن الوجدان
عزيزتي ابتسام أشكرك على مرورك العطر على مدونتي ، لم أحتكر أحد فكل مذيعوا القناة السعودية وخاصة مما عاصرنا لهم كل التقدير والشكر، كل مافي القصة أنني شاهدت تغريدة للمذيع عبدالعزيز العيد ،حول تقاعده بعد 32 عام وهذه التغريدة أثارت شجوني وذكرياتي وكانت رسالتي له مدخلاً لذكرى لهم ولنا جميعاً لانستطيع نسيانها
مرة أخرى أشكرك ابتسام على مرورك
رائع..جسدتي بقلمك حال كثبر ممن عاشوا تلك الفترة..فترة الصفاء والاجتماع والتلاحم..
اللهم اجتماعا جميلا دائما في الفردوس الأعلى.
ما شاء الله تبارك الله.. لغة اكثر من رائعة وتعابير اكثر من مدهشة وسرد يشبه مشاهدة فيلم تلفزيوني ممتع.
زادك الله من فضله وواسع علمه ا. أسماء ?
المقال جميل .. لكن أرى أن لايحتكر فيه اسم مذيع معين .. فقد كان أيضا سليمان العيسى وغالب كامل وماجد الشبل .. لهم وزنهم في ذلك الوقت وكانوا دائما معنا ..
أرى لو كان المقال بدون تحديد اسم معين لأن الكثير لهم ذكريات جميلة مع مذيعين آخرين . فلا يكن رأيك فرديا .. وشكرا لك