عندما مرضت أختي !
مرضت أختي قبل وفاة أمي بأشهر مرض شديد، كان هذا المرض نتاج اتخاذها قرار تغير نظامها الغذائي إلى نباتي! (موضة الفيقن اللي طالعين فيها جديد) أصبحت أختي مهووسة بعالم التغذية وكل ما يكتب فيه! حتى وصل بها الحال أن ترسل خصل شعرها لخارج المملكة حتى تعرف ما يناسبها من الأكل لتعتمده!
لكن هذا العالم دخلها في دوامة تعب وساوس ولم يعد جسدها قادر على تحمل هذه الخربطة، مجرد أن تفكر تضع الطعام في معدتها تأتيها حالة هلع وخوف وتعب في المعدة! كانت أيام صعبة عليها وعلينا وخاصة على قلب أمي رحمها الله، والتي كانت تدخل عليها غرفتها وتجدها طريحة الفراش، ولا تملك شيء سوى الدعاء لها
الذي كان يؤلم قلبي في تعب أختي هو الأفكار الخاطئة التي كانت مترسبة في عقلها والتي وضعها بعض من ينتسبون لدين في عقلها، كانت عندما تبكي وتتألم وتشعر بالحزن تقول أشعر أنني غير صابرة لأنني أبكي وأتألم وأحزن! مع تعبها الجسدي ومثل هذه الأفكار التي تهدها هد كانت تصر أن تلجأ لطب النفسي، وكنت رافضة لقناعتي التامة أنها ليست بحاجه لأن تذهب لأن ما تعانيه واضح لي تماماً، يوماً سألتها قلت لها العالم الذي نعيش فيه ماذا يسمى ؟! قالت الدنيا! قلت وهل الله كذب علينا وأخبرنا أنها الجنة ؟! قالت: لا، قلت لها من أول صفحة في القرآن إلى أخر صفحة يخبرنا الله أنها الدنيا وسنرى فيها كل أنواع الابتلاءات! أليس الله يقول (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ۗ وبشر الصابرين) قالت: بلى قلت: ألست الآن أنت في ابتلاء واختبار قالت: بلى قلت: أنت الآن مخيرة بين أن تصبري وبين ألا تصبري فاختاري ما تشائين؟! حتى العافية التي يتمتع بها الكثير هي ابتلاء وأشد ابتلاء ممن يمرض هل تعلمين لماذا؟! لأنها أشياء خفية لا ينتبه لها الإنسان! الله يقول (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) أرأيت حتى الخير فتنة! قلت: لها هل قرأت سورة يوسف ؟! قالت: نعم قلت هل تأ ملتيها يوماً؟ في بداية السورة يخبر النبي يوسف أبيه عن حلمه، ويتضح من خلال سياق الأيات معرفة يعقوب بتفسير الرؤيا، لذلك ينصحه بعدم إخبار إخوته، إذا كان هذا النبي قريب من الله، ولديه العلم والمعرفة أكثر مني ومنك، ومع ذلك تبيض عيناه من الحزن؟! أخبريني لماذا؟ قالت: لا أعلم، قلت: لأنهم بشر ولم ينفي الله عنهم صفة البشرية! ولم يطالبهم الله أن يطمسوا مشاعرهم وأحاسيسهم ويعيشون وهمية المثالية الزائفة التي زرعت في عقولنا! الله يقول لرسوله الكريم (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون)! نبي ومقرب لله، ويملك كل العلم ويستطيع الله أن يطمس عنه كل شعور يضايقه لأجل اكمال رسالته، لكن هذا القرآن يخبرنا ويعلمنا لنستطيع التعايش مع كل أحاسيسنا ومشاعرنا بشكل طبيعي، أذكر ذلك اليوم الذي دخلت علي فيه غرفتي وكنت غارقة في البكاء كانت والدتي في العناية المركزة وكل الأحزان مجتمعة وكنت أقرا قصة الصحابي كعب بن مالك وهذه القصة تبكيني كثيراً، فيها من الدروس العظيمة الكثير، تخيل معي هذا المشهد ، الله غاضب عليك ، الرسول عليه الصلاة والسلام غاضب عليك ، الصحابة أمرو أن يعتزلوك ، الأرض تنكرت لك وضاقت عليك بما رحبت! ، وبعد أربعين يوم وأنت تنتظر الفرج والعفو ، يأتي الابتلاء أضعاف مضاعفة وأشد! ويأمر الله أن تعتزل زوجتك عنك ، لتبقى وحيداً من كل شيء! تجلس فوق سطح بيتك وحيداً ترتقب، لتأتي البشرى بعد طول وقت بالعفو، يا الله في كل مرة اقرأ قصة كعب بن مالك أعيش أحاسيسه وألمه، حدثت أختي عن قصة كعب بن مالك وأيهم ابتلاءه أشد أنت أم هو، وكيف كان ينتظر الفرج وقد طال عليه وعندما كان يظن أنها ستفرج زاد الابتلاء عليه، ليختبر الله صبره أكثر وأكثر، قلت لها الحياة جاهد وصبر يقول الله (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) قالت: لي أختي عندما تأملت أيات النبي موسى تساءلت لماذا عندما كلم الله موسى طلب أن يرافقه أخيه، ولم يطلب أن يشفيه الله وأن يهبه القوة لمواجهة فرعون؟! قلت هذا يثبت لك بشرية الأنبياء، وأن الله يريد أن يظهرها لنا (بشريتهم وبشريتنا)، وأننا غير كاملين لذلك علينا التصالح مع ذواتنا ومشاعرنا! أرأيت النبي موسى عليه السلام والذي كانت لديه لثغة في لسانه، وتحدث القرآن عن خوفه باستمرار (وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني ۖ إني أخاف أن يكذبون) قال الله عنه (وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني) أحبه الله على ما فيه من عيوب، وتصالح هو مع عيوبه وذاته وقال (هارون هو أفصح مني لسانا)! كل مشاعرك طبيعية عيشي معها، و تقبليها فأنت بشر ، المهم ألا تيأسي وألا تقنطي، وتذكري أنك في مرحلة اختبار عليك أن تكوني قوية لتجتازيها ، الأمر ليس سهل ،والصبر ليس سهل، يحتاج مجاهد يقول الله (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) ستجدين في القرآن والسيرة عزاءاتك سترين حزن الأنبياء وألآمهم وبشريتهم التامة وسترضين بكل ما يحل بك وستجدين علاجك ، فقط تأملي
عندما توفيت أمي قالت: لي بدأت أنظر أن لله حكمة عندما مرضت لأبقى هذه الأشهر قريبة من أمي، وربما لو كنت متعافية كنت كالمتعاد أأتي لكم زيارة وأذهب لبيتي، أراد الله أن أكون معها قلت: نعم ، والذي رأيته من حكمة الله في مرضها أنه اختبار لأمي لأخر لحظه من حياتها لأنها كانت الأحب لها ! وأيضاً أراد الله أن يخفف عن قلبها فاجعة موت أمي، وفاجعة موت والد زوجها، والذي كانت تحبه وتعده مثل أبي، وقد توفي قبل والدتي بأسبوعين ثم لحقته أمي!
يخفف الله الحزن بالحزن! يقول الله تعالى (فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم ۗ والله خبير بما تعملون)
الحمد لله أختي الآن بخير
#عندما أنزلت المقال في تويتر تُرك الأصل الذي من أجله كتبت الموضوع وهو أننا بشر ويعترينا من الحزن والألم، وأن من هم أفضل منَّا قرباً لله اعتراهم ما اعترانا ولم ينقص ذلك من درجة صبرهم، ولا يدخل في قلة إيمانهم!، وكل ما علينا هو أن نتقبل أحاسيسنا ولا نخجل في اظهارها، والله رحيم بنا يرعنا، ولله حكمته في كل شيء! ترك البعض كل ذلك وأخذ البعض يناقشني في رفضي لماذا لم أسمح لها بذهاب لطب النفسي، وأن الناس ليسوا لديهم من يعينهم مثل أختك!! أنا لم أكتب قصة أختي لأستعرض إعانتي لها!، كنت أناقش الأفكار التي في رأسها وهي في رأس الكثير فأنا من هذا المجتمع وكنت أحتاج أن أورد قصتها والحوارات التي تمت بيننا لعلها تصل لكل محزون ومتألم وأن من هم أفضل منك تألموا وحزنوا وبكوا وما يمر بك من مشاعر قد تضيق بك الأرض منها قد مر بها الأنبياء والخيرين ولولا محبة الله لك لما ابتلاءك فكل ما يحتاجه الإنسان هو أن يجد من يلفت انتباهه ويدله لتهدأ نفسه وتطمئن!
أما بخصوص الطب النفسي هل كل مرض يحل بك أو بعائلتك يستدعي أن تذهب به للمستشفى؟! طبعاً ليس كل مرض ولربما وصفت له وصفة من بيتك أو أخرجتها من خزانتك وأعطيتها مريضك، ولربما يقول لك أذهب بي للمستشفى وأنت مدرك تمام الإدراك أنه لا يحتاج، عندما رفضت ذهابها لأني مدركة قمة الإدراك أنها لا تحتاج ذلك، ولست أبداً ضد الطب النفسي أنا مع إذا احتاج الإنسان لطب النفسي يذهب سواء نفسي أو سلوكي
عموماً هي ثرثارات اقبلها أو ردها كما تحب لكن لا تحور ما كتبته لشيء بالأساس لم أكتبه لأجله ،
حذفت التغريدات هناك واكتفيت بوضع ماكتبته هنا ، لأن تويتر تغريدات مجزءه ولايساعد في سرد ماكتبته بالصورة التي أريد لذلك البعض يناقش التغريده المستقله وهو لم يكمل باقي التغريدات ولا ألومهم لأن التغريدات مقسمة فيظنون أنها تغريده لوحدها
دمتم بخير