من قسم المجتمع؟!
كنت قد كتبت مقال في الأسبوع الماضي، بعنوان ” كيف تصنع ابناً منافقاً” وتحدثت فيه عن جزئية عندما يستقيم الإنسان يتلبسه شعور الكمال في النفس، وشعور الكمال هذا أقسمه قسمين، شعور الكمال في قضية الذنوب ، وشعور الكمال مع الأخرين ، ولم أحب أن أتحدث عن شعور الكمال مع الأخرين ، حتى لا أشتت القارئ ولأن هذا القسم بحد ذاته يحتاج مقالاً لوحده أفردت له هذا المقال ! شعور الكمال مع الأخرين يتلبس البعض عندما يستقيم ومجرد أن قصر ثوبه وأعفى لحيته يتلبسه هذا الشعور ، بأنه حط رحاله في الجنة ! وكل من هو دونه فهو في النار ! وتتلبس هؤلاء حماسة غير منضبطة مع حسن المقصد ، اشكالية هؤلاء تكمن في قسمين ، قسم لم يطلب العلم ويدعو على جهل وفهم خاطئ لدين، أذكر في عام من الأعوام في رمضان كنت أصلي عند أحد الأئمة ممن يتميزون بجمال الصوت، قررت إحدى المشرفات في المسجد، أن تجبر النساء على لبس العباءة على الرأس ، بإعطائهن عباءات وحضورهن بها للمسجد !من الغد قل عدد الحضور! خاصة من الفتيات المراهقات كنت أشعر بالحسرة في قلبي، في الوقت الذي تُعد البرامج والمسلسلات لإغراء الناس في رمضان ، يأتون هؤلاء ويتركون كل المغريات لأجل أن يصلون صلاة نافلة يبتغون ما عند الله! تُرك حسن مقصدهم الذي جاءوا من أجله ونُقشوا بأمر ليس هذا محله ! لانشك في حسن مقصد الأخت لكن كانت نظرتها ضيقة! ولا تملك الحكمة ، وبعد النظر! وحقيقة كم نحتاج في دعوتنا إلى الحكمة وبعد النظر ليس في الدعوة، وحسب بل في مجمل قضايانا وخاصة قضايا الأمة ، عندما تأملت في بعض تواريخ الاتفاقيات العالمية وجدت بعضها له 30 أو40 عام تساءلت حينها في الوقت الذي كانوا يعدون هذه الاتفاقيات لهدم ديننا وزعزعتنا كيف كان حالنا نحن قبل 30و40 عام ؟! أيقنت تماماً أن الغرب لديهم بعد نظر أكثر منَّا ، ويطبخون ما يريدون على نار هادئة ،ولديهم طول نفس ، وعندما يبدأون أمر يتحدون ويتمسكون به، ويتعاونون للوصول له مهما كانت العوائق ! أما نحن فحدود نظرنا ضيق لا يتجاوز أقدامنا ! كم أتمنى أن نخرج من وسط الدائرة لنرى الدائرة من الخارج بشكلها الكامل !! كثيراً ممن يتلبسهم شعور الكمال عندما يرون أناساً لا يظهر عليه الصلاح يصلون ، أو يفعلون الخيرات أو حتى يبكون في رمضان، يتسألون بتعجب في قرارة أنفسهم ليس متدين ويبكي ؟! لو على هيئة ما شاء الله يصلون! ما شاء الله يبكون !ونسوا أولئك أن هؤلاء مسلمين قبل كل شيء ! القسم الثاني من شعور الكمال تجاه الأخرين هم من طلبوا العلم لكنهم رأوا أنهم أكمل وأفهم من أساتذتهم ومعلميهم وعلمائهم لذلك خرجوا عليهم ولو تأملتم تلك الفرق والجماعات التي خرجت لوجدتم أن من أنشأها وانطلق بها كان يرى في نفسه الكمال وأنه سيأتي بشيء جديد غير الذي يراه، والذي لم يسعه كما وسع الجميع ! وهذا الذي قسم المجتمع وجعلنا متناحرين ! شعور البعض بالكمالية في نفسه تجاه الأخرين فيرى اخوانه أقل منه في تدينهم وهو أعلى منهم وبين من يرى أنهم أكمل من الجميع في العلم والفهم وسيأتي بشيء جديد ! اليوم نحتاج من يجمع الصف فالله يقول لنا (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا) والرسول عليه أفضل الصلاة والسلام يقول (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ) من المؤلم أن لا نتمسك بهذين الشيئين أن نتحد ونترك الجدل مضت سنين ونحن نعيش فرقة وجدل وتصنيفات حتى وصل بنا الحال أن نصنف من خلال فتاوى فقهية ومسائل خلافية ! وكانت التصنيفات من قبل عقائدية،بت أؤمن أن هنالك من يلقي خيوط النقاشات والجدليات لنخدر وننشغل عن قضايانا الأهم ، والأعظم وأهمها قضية فلسطين! اليوم نحتاج وقفة جادة من حكماء هذا الأمة ممن لهم بعد نظر ليجمعوا الأمة ويوحدون الصف بعيداً عن كل التصنيفات بعيداً عن كمالية النفس نريد وحدة صف تجلي هذا التقسيم في المجتمع وفي الأمة بأكملها ،
نريد أن نجتمع تحت راية واحدة هي راية
(هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ )