يرحم الله قلبك
مازلت أذكر ذلك اليوم عندما وضعت يدي على جبهة والدي لأتحسس حرارته
فتح عينيه ولتقت عيني بعينيه، كانت تلك أخر نظرة وأخر وداع!
يدخل اخوتي متلثمين بأشمغتهم بعد دفن والدي، والمتعارف في قوانين هذه الحياة لا تغطي وجوهها سوى النساء!
لكن عندما يغطي الرجال وجههم بأشمغتهم فهذه دلالة على عمق الألم والحزن!
تساءلت كيف تحمل اخوتي موقف تغسيل والدي؟ وهم يسكبون الماء على جسده!
موقف مهيب لا يتحمله القلب! تساءلت في وقتها لو قدر لأمي أن تموت قبلي أنا من سيغسلها!!
آه يا ويل قلبي كيف لي أن أغسلها لأخرجها من الحياة وهي من غسلتني لتدخلني للحياة!
سترفض مبادئي أن يمسها أحد ويغسلها غيري أعرف نفسي،
لكن قلبي لن يتحمل قسوة الموقف! جبر الله قلب من غسل والدي،
الموت مفجع والأشد منه أن تغسل أحبابك وتكفنهم!
مضت ست سنوات على رحيل والدي وذلك التساؤل الذي شغل تفكيري وألمني ماكنت أدرك أنه كتب قدره في السماء!
وأن الله يرعى قلباً ضعيفاً سيفتته هذا الموقف!
لترحل والدتي بمرض كورونا وكل من مات بكورونا تتولى وزارة الصحة تغسيلهم وتكفينهم
في لحظات أشعر بالحزن العميق لا أعلم كيف غسلوها وكيف كفنوها،
وفي لحظات أدرك أنني ضعيفة أمام هذا الموقف المهيب!
والله وحده يعلم شدته على قلبي لذلك أعفاني منه رحمة بقلبي
يا رب كما رحمت قلباً ضعيفاً أن يتوجع في هذا الموقف
ارحم والدي ووالدتي واجمعني بهم في مستقر رحمتك