خضير ميري للمرة المليون !
منذ أن بدأت أقرأ كتب خضير ميري كنت أنهي كتبه باليوم أو اليومين كأقصى حد، لكن ما إن وصلت عند أخر كتاب له، حتى شعرت أنني سأفقد متعة وشعور لا أريده أن ينتهي! أحببت خضير ميري وأحببت جنونه وعالمه ! أصبحت منذ أسبوعين أقرأ صفحات يسيرة جداً، واليوم أنهيت كتابه الأخير وأنا أشعر بالكثير من المشاعر، يوجد الكثير من الكتب ربما تكون جميلة لكن هنالك كتب تحفر في صدرك وسماً ، تبقي رأسك مشتعلاً، تبعث في داخلك الكثير من المشاعر! خضير ميري تعرفت عليه قبل سنة معرفة اسمية عندما دخلت صدفة وعلى عجل لمساحة ” طارق القرني ” وحال دخولي سمعته يقول إنه يقرأ كتب خضير ميري ،هذا الرجل اتخذ من الجنون مهرباً له من الإعدام في عهد صدام حسين، ولأنني أحب القصص الواقعية سجلت الاسم وخرجت ،” لطارق القرني مقطع باليوتيوب عن خضير ميري للأمانة لم أسمعه بعد لكن وضعته في القائمة وسأعود لسماعه” في يوم عندما أنهيت أشغالي بحثت عن كتبه إلكترونياً لعلي أقرؤها حملتها، وركنتها على جنب بسبب انشغالي، قبل شهر من الآن تذكرته وبدأت أقرأ كتبه المتوفرة، وحزنت على كتبه الباقية غير المتوفرة! ماذا أقول عن خضير ميري ؟! هل أتحدث عن نحته للواقع بشكل مرير، أم عن الكوميديا السوداء ، عن ذكاء الرجل ودقت تأملاته ،عن صدقه حتى مع نفسه ،أشياء كثيرة تزدحم في عقلي عن شخصية هذا العبقري! خضير ميري الذي أدخل للمدرسة قبل سن الدراسة بعدما رأى فيه والده والمدير حباً للعلم وكان متفوقاً دائماً في الدراسة ، قنُّون صاحب المكتبة التي كان يذهب إليها خضير حباً في القراءة وهو بسن 12/13 ليعطيه ذلك الرجل تاريخ الفلسفة! عندما رأى فيه استعداداً للعلم وحباً للقراءة ! خضير ميري الذي يمثل الإنسان الطموح المدهوك بسبب الظروف ، ظروف واقعه الشخصي، وواقعه الأكبر المحيط به ، كان فقيراً يسرق الكتب ليقرأ ، تحدث خضير ميري عن حلم الغرفة المستقلة في حياة الفقير لشخص مثله طموح يحتاج العزلة للقراءة والكتابة ! قال عن الطموح في بيئة الفقير أنها كالحلم ! عندما تتأمل القدر في حياة خضير ميري وكيف كان يسير عكس ما يريد لينقذه من قدر أخرى مر سيعيشه ، يقول خضير ميري بسبب انشغالي بالدراسة صباحاً، كنت أسهر الليل في القراءة وهذا الأمر أفقدني مع الوقت القدرة على النوم، ليضطر والده أن يذهب به لطب النفسي ليصرفوا له حبوباً تساعده على النوم ، في الجامعة وحلمه أن يدخل قسم الفلسفة ليوقف تسجيله بسبب عدم انضمامه لحزب البعث، ولم يجد أمامه سوى خيارين إما أن يذهب لتجنيد العسكري أو يختار قسم المسرح ! المسرح، وسجله في الطب النفسي كانت سبباً رئيسياً في اقناع ظالميه بأنه “مجنون خالص!” ، الذبابة التي ضايقت ذلك القاضي الكبير في السن، وهو منعكف على الأوراق يقرؤها ومساعده الذي هش الذبابة ليجعلها تطير بعيداً لتسقط نظارة القاضي، ويفقد أعصابه ظناً منه أن خضير ميري هو الذي أسقطها لأنها كان يتحرك في غرفة القاضي لتمثيل دور الجنون! يصرخ القاضي أخرجوا ذلك المجنون من الغرفة ! لتثبت عليه تهمة الجنون ولا يحاكم ! حرب الخليج الثانية التي لولى الله ثم هي، لبقي خضير ميري طوال حياته قابعاً في مستشفى الأمراض العقلية والنفسية طوال حياته ، هرب من المستشفى بعدما قصف المستشفى! ليخفي نفسه سنتين عن الأنظار ولم يخرج إلا بعد أن سمع بعفو عام وذهب لينهي أوراقه في المستشفى ! رحل صدام حسين 2006 ورحل خضير ميري 2015 وكان محكوماً عليه بالإعدام 1983مات ظالمه ومن حكم عليه بالإعدام قبله! كافح هذا العبقري لأجل حياته ، وقاسى أشد أنواع العذاب وأولها الصعق الكهربائي ، يقول عندما يضع المجنون على سرير الصعق الكهربائي هو لا يدرك ماذا يفعلون به! لكن أقسى ما وجدته أنني كنت أمثل الجنون وأدرك ما هم فاعلون بي! لكنه كان يطبطب على هذا الألم أن الحياة تستحق لأن أعيش! ثم تسأل نفسك أي حياة كنت تريدها يا خضير؟! عاش طوال حياته في المصحات النفسية حتى أنه كان يضحك أنني أدمنتها ! رغم ذلك كان يكافح لأجل طموحاته رغم قلة كل شيء في حياته! مات خضير وأنا أشعر أنه لديه الكثير الذي يقوله! وأن هذا المبدع لو وجد دعم وكانت الكتب دائماً في متناول يده ، والظروف كانت ليست الظروف التي مر بها لأخرج لنا كتب نفخر بها عالمياً، إصداراته تحدثت عن معاناته وواقعه المر وهو واقع يعيشه الكثير في البلاد الدكتاتورية والمحطمة لطموح!
من المحزن وأنا أبحث عن ما كتبه خضير ميري وجدت أخباراً عن ابنته ميرا خضير ميري والتي تلعب رياضة التجديف في مصر وحصلت على الكثير من الميداليات الذهبية وكان لها حديث أنها تشعر بالحزن أن بلدها العراق لا يدعمها ! ويبقى محزن أن يعيش الطموح المعاناة! رحم الله أبيها وعوضه بالجنان
ويبقى الإنسان يحمد الله على نعمة الوطن الذي تشعر به بالأمان ويدعمك في طموحاتك فكروا بأدق النعم التي تعيشونها وحرم منها الكثير !
لا يشعر بقيمة هذه الأشياء إلا من فقدها !
كان الله دائماً وأبداً في عون من كان طموحاً وكانت الظروف ضده!
الذبابة على الوردة هي التي تتحدث عن قصة اعتقاله وكيف اتخذ الجنون مهرباً
هنالك نص أبكاني تحدث خضير ميري عن كيف كان يريد رؤية أمه وعائلته
وخوفه من أن يكشف أمره ثم تعاد محاكمته ،، ثم قرر أن يطلب من مريض كان صديقه في المصحة
وكان سيخرج من المصحة أن يخبر والدته أنه على قيد الحياة وجاءت والدته وأخته في الخفاء ليزوره
ثم في يوم طلبته المشرفة الاجتماعية وكان خائف جداً ،
وأخبرته أن قريبها كاتب ويريد أن يتأكد هل أنت خضير ميري المعروف فأخبرها أنه هو
ومن هنا تناقل علم المثقفون من أصدقاءه أنه مازال على قيد الحياة
وهنا يتحدث عن وفاء أصدقاءه ورغم صعوبة الأمر وربما تتعرض حياتهم للخطر جاءوا ليزوره
هنا يتحدث عن مشاعره
سأضع مقاطع فديو أخرى بعدما أعدلها
لمن أراد العودة مرة أخرى للمشاهدة