ذاكرة مثقوبة يتسرب منها كل شيء !
عندما أتذكر الموت ولحظات الرحيل ليس عندي أمنيات كثيرة في هذه الدنيا! أن أموت على الإسلام ويثبتني الله عليه ، أن أودع أحبابي وأراهم في أفضل حال مطمئنة عليهم ، أن أخرج من هذه الدنيا وأنا أحمل كلام الله في صدري لأقبل عليه وأنا أحمل كلامه ” هكذا أفسر الحب! أن تحمل في صدرك كلام من تحب! فكيف بالله جل جلاله! وهو أعظم من نحب! وأهدي ثمرات هذا الحفظ لوالديَّ، أن لا أخرج من الدنيا إلا وقد قرأت النصيب الأكبر من كتبي! مجرد فكرت الرحيل وتركها خلفي دون قراءة مؤذية لروحي ! أقسى ما أعاني منه هو التعب الذي يمنعني عن القراءة ومرت سنوات لا أفهم ما يمر بي ! ومع انشغالي بوالدي رحمهما الله لم يسعني الوقت لأفكر بما يعتريني ! ولماذا يحدث لي كل ذلك ! عندما أبدأ بأعمال ومشاريع وأحاول تحقيق طموحاتي يتسرب لي التعب الذي يمنعني من كل ذلك! وأخرها عندما انطلقت في الكتابة للأفلام وبدأت أرسم طريقي ، وانطلقت في أخذ الدورات لكني تعبت مثل كل مرة أتعب فيها! العجيب في هذا التعب يفقدني ما أملكه، قبل أن أنطلق في الكتابة للأفلام كانت لي مشاهدات يومية ، وما إن انطلقت حتى فقدت مشاهداتي اليومية وأصبحت بالكاد أشاهد شيئاً! تنبهت لهذا الأمر قبل سنوات عندما استيقظت يوماً وأنا فاقدة لذاكرتي التقنية! وكأنني لا أعرف شيئاً في التقنية وأنا التي علمت نفسي بنفسي وكنت أقدم شروحات في قسم التقنيات في المنتديات، مازلت أذكر أستاذة الدبلوم في جامعة الإمام، الذي ذهبت للأخذ شهادة تثبت أنني أعرف في التقنية ! وسألتني هل درستي الحاسب من قبل؟ أخبرتها بأنني لم أدرس كانت متعجبة مني كيف عرفت كل ذلك!، ذلك الزمن لم يكن فيه يوتيوب وشروحات كثيرة على الإنترنت بل بالتجربة ( والطقطقة) حتى نتحصل على المعلومة! استيقظت ذلك اليوم لا أعرف التقنية ولا تعرفني! وهذا ما وجدته في القراءة تمر بي أيام لا أستطيع الإمساك بالكتاب! وإن أمسكت به يغالبني النعاس القاتل حتى لو كنت لتو مستيقظة من النوم! وأقسى ما أجده لو تمت القراءة ما إن أغلق الكتاب حتى لا أذكر شيئاً! وكأنني لم أقرأ الكتاب! أنا لا أقول نسيان ما يقرأ ! بل نسيان أشبه بأن تذهب لمكان تريد شيئاً وما إن تصل حتى تسأل نفسك لماذا ذهبت ! وتجلس دقائق تحاول أن تتذكر ما جئت لأجله!، العجيب في حالي أنني لا أتذكر بسهولة ! أصبحت أحدث نفسي أن لا أهتم لقضية التذكر، علي أن أقاتل لأجل أن أستمر في القراءة ! فعندما تأتيني حالة النعاس تلك أحمل كتابي وأسير في غرفتي حتى فقط أستمر في القراءة! وذلك ما أفعله في الكتابة مجرد أن أكتب أنسى كل القواعد النحوية والإملائية وكأنني يوماً لم أدرسها ولا أعرفها! تمر علي أيام أضحك، وأبكي من نفسي في لحظات أنسى كلمات بسيطة جداً! لا استطيع تذكرها لأجل اكمال ما أكتبه والعجيب عندما أنشر ما أكتبه أجد الطوام ! لكن حدثت نفسي منذ زمن أنني لن أستسلم لذلك التعب وسأنشر ما أكتبه كيفما كان ! في السنوات الماضية كنت أشعر بالألم والحزن على حالي! عندما تسير في الطريق وتعرف امكانياتك ثم لا تصل بل وتتعثر تعثرات كبيرة تتألم ! عندما أتذكر كلمات أستاذة التاريخ لي في المتوسط أنت يا أسماء سيكون لك شأن عظيم! وفي الثانوية يوماً كنت مارة من قسم المعلمات فأمسكوا بي وأخبروني أنني أملك عقلاً لا يملكه الكثير من الطالبات ، كان حديثهم نوعاً من التشجيع لي والاستمرار على ما أنا عليه، ومعلمة علم النفس بعدما تخرجت من الثانوية درست شقيقتي ،وعندما علمت أنها أختي قالت لها، أختك أسماء صحيح أنها صامتة لكنها داهية! وأنا أعلم لماذا قالت عني تلك الكلمة ! بدأت بتدريسنا كنت صامتة أستمع لما تقول، لكن مع الوقت دخلت معها في نقاشات خارج الصف، وهي ذهلت كيف أناقشها بتلك الأفكار حتى أنها استعانة بدكتورها في الجامعة وكانت تناديني لتقرأ علي رده، ويوماً طرحت سؤالاً في حصة علم النفس وكان عبارة عن لغز وأنا من حللته وأعطتني الجائزة عليه ، ويوماً قمت بتجهيز برنامج ثقافي متكامل من إعدادي واشرافها زينت المدرسة بأكملها وأحضرت الضيافة من منزلنا كان حفل متكامل مذهل ، وهي كانت مصدومة كيف هذه الصامتة تفعل كل ذلك! لذلك قالت لأختي عني أنني داهية! عندما دخلت الجامعة رشحتني دكتورتي للعمل في مركز بحثي، وأذكر دكتورة أخرى عندما قدمت لها بحثي وأخذت تناقشني قالت لي أنني أملك عقلاً بحثياً وعلي أن أستغله في خدمة المجتمع ! وأذكر أن دكتور في الجامعة كتب لي رسالة أن علي أن أتجاه للأبحاث لأنني أملك ذلك العقل البحثي الذي سيتفيد منه الجميع! أمنوا بي كل أولئك، وصدقوني أعرف ما أملكه وأعرف مالا أملكه ! لكن الله يفعل ما يريده في شأني! في لحظات علينا أن نسلم لأقدار الله، فكلها خير ، وعلينا أن نفرح بالموجود ولا نتحسر على المفقود! طوال حياتي رغم التعب والذي حكيت لكم جزء منه، والمخفي أشد ألماً مما تحدثت عنه ! لم أتوقف كنت أقدم ما أستطيعه رغم الظروف العائلية والتعب الذي يحيط بي! وهذا التعب ربما جعل البعض يسيء الظن بي! وربما البعض قال هذه المجنونة تكون معنا وتعطينا الأفكار وتحمسنا ثم تذهب وتتركنا! وهم لا يعلمون ما أعانيه ! وصعب جداً على نفسي أن أمسك بكل أحد وأخبره بما أعاني ! اليوم لست حزينة على حالي فالحمد لله على أقداره، إن كان من حزن فقط على أبي وأمي رحمها الله وكتبي!
لذلك يعود مقتني الكتب بشعور واحد وهو الفرح ! وأعود أنا بشعورين شعور الفرح والألم !
*أصلي لك يا رب صلاة محارب! فقبل قتالي واجعل حليفي النصر!