Navigation Menu+

ابيضت عيناه!

Posted on مارس 7, 2020 by in قَلَمِي

تمت زيارة التدوينة: 2047 مرات

مازلت أذكر ذلك اليوم الذي كنا نجلس في ساحة المدرسة لتكريم الطالبات، وكنت في حالة صراع نفسي بين هل أصفق أو لا، أود التعبير لزميلاتي وصديقاتي عن سعادتي لهن، وعدم تصفيقي لهن ربما يفهم لديهن بأنني لست سعيدة لأجلهن! هل تستحق الجنة أن أخسرها لأجل التصفيق! بعد سنوات من صراعي ذلك وقعت على مقطع لشيخ عبد العزيز الفوزان يتحدث عن جواز التصفيق وكان يقول الشيخ:

“كان بعض أساتذتنا يجرمون التصفيق و يرونه حقيقة كبيرة من الكبائر، و كان علمنا محدود و نظن أنه فعلا هذا هو الواقع و أن التصفيق يعتبر من المعاصي و لا يجوز، و هم يذكرون لنا دائما أن التصفيق حرام لأن الله عز و جل قال عن المشركين (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية .. الخ) يعني المكاء هو التصفير والتصدية هو التصفيق وأن هذا من التشبه بالمشركين فلا يجوز التصفيق، كبرنا ولله الحمد وتعلمنا أكثر وعلمنا أن هذا الحكم على إطلاقه لا يصح وهذا الذي أريد أن أبينه لكم، لأن حقيقة ألاحظ أن هناك تحريج من الناس على هذه المسألة وتضييق عليهم في أمر وسع الله عز وجل فيه لهم ولو تأملنا النصوص الشرعية وجدنا أن التصفيق الوارد في الكتاب والسنة من حيث حكمه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

1 تصفيق محرم.

2 تصفيق مستحب أو واجب.

3 تصفيق مباح.

وفصل الشيخ في هذه المسألة في مقطع موجود في اليوتيوب،

لماذا أوردت هذه المسألة، لأن هنالك مسألة أود من علمائنا ومشايخنا أن يعيدوا النظر فيها والأحكام التي يطلقونها عليها! مسألة الهموم والأحزان وربطها فقط بالبعد عن الله ” وتلاوتهم الأية ” ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا” أصعب ما يجده المهموم والمحزون هو ربط شعوره وما يمر به بالبعد عن الله! وادخاله في صراع نفسي مع نفسه، وخاصة إذا كان قائماً بواجباته أمام الله، والأشد ألماً إطلاقه على المريض النفسي وخاصة من يعاني من حالة اكتئاب، قد يعيش الإنسان الهموم والأحزان إذا كان بعيداً عن الله! لا ننكر هذا الأمر لكن ليس هو السبب الوحيد! أسباب الهموم والأحزان كثيرة! بل عاش الهم والحزن من هم أقرب لله، نبي الله يعقوب “ابيضت عيناه من الحزن وهو كظيم” وقال “إنما أشكو بثي وحزني إلى الله” وهو نبي تلبسته الهموم والأحزان؟! وهو أقرب الأقربين إلى الله! رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام: عندما قالت له، عائشة رضى الله عنها، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ..الخ الحديث  من شدة هم الرسول وحزنه  لم يستفق إلا بقرن الثعالب ! أليس رسولنا أقرب لله؟! فكيف يصاب بالهموم والأحزان؟!! ذكر القرآن حزن أبي بكر حين قال “(ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا)

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة؛ ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله…الخ الحديث

هذا صحابي من صحابة رسول الله، يجلس في المسجد من شدة همه وحزنه؟ كيف يصيبه الحزن وهو قريب لله ويلزم المسجد؟!

إذا كان للأكل دور في إزالة الحزن قال الرسول “التلبينة مَجَمَّة لفؤاد المريض، تذهب ببعض الحزن” فبلاشك أن لبعض أنواع الأكل سبب في إثارة الحزن!

ويقول ابن حزم ” ولقد أصابتني علة شديدة، ولدت علي ربواً في الطحال شديداً، فولد ذلك علي من الضجر، وضيق الخلق، وقلة الصبر، والنزق، أمراً حاسبت نفسي فيه، إذ أنكرت تبدل خلقي، واشتد عجبي من مفارقتي لطبعي وصح عندي أن الطحال موضع الفرح فإذا فسد تولد

ضده!”

هنا يبين ابن حزم أن بعض الأمراض العضوية قد تكون سبباً في إثارة الحزن، وإذا أدخلنا ما يصيب العقل من مرض ويؤثر في النفس والعقل ويبعث على الحزن وهذا ما يعاني منه المرضى النفسيين! أنا هنا أسرد أدلة بسيطة أن أسباب الحزن والهموم كثيرة وليس فقط البعد عن الله، حتى عندما يسأل إنساناً ضعيفاً يتقلب في المواجع والهموم، عالم أو شيخ أو مستشار..الخ لا يصدمه ويعطيه محاضرة البعد عن الله! اسأله أولاً: كيف علاقتك بالله؟! هل أنت محافظ على صلاتك؟ هل تقرأ قرأنك؟! ثم بعدها قدم محاضرتك له! أو قل له مثلما قال رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام لذلك الصحابي المهموم “قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، فإذا أنت قلت ذلك أذهب عنك وقضى الله دينك!

أضف تعليقًا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.