Navigation Menu+

البعض تأخذ علمه ولا تأخذ شخصه!

Posted on سبتمبر 29, 2021 by in قَلَمِي

تمت زيارة التدوينة: 775 مرات

البعض تأخذ علمه ولا تأخذ شخصه!

 

قبل أن أشرح عبارتي تلك، أريد أن أتحدث عن شيء سيمهد لشرح مقولتي، عندما كنت التقي بعض المتدينين أو أحادثهم، كنت أرى في بعضهم صفات سيئة مثل الاغترار بالنفس وأنهم ملكوا الجنة يدخلون فيها من يشاؤون، ويخرجون منها من يشاؤون! لديهم سوء ظن بالأخرين، تكثر لديهم الغيبة! كنت أشعر أن هنالك خلل! وكنت أتساءل بعمق هؤلاء بعضهم يحفظ القرآن، ويطلب العلم الشرعي ورغم ذلك لم يكن هنالك ثمرة للعلم والفهم تنعكس عليهم! لو سألت طفل مسلم عن عقيدة أهل السنة والجماعة فيمن يدخل الجنة لقال لك دخولها برحمة الله، ونحن لا نضمن لأنفسنا دخولها، ولا نستطيع نعطي ضمانات لمن يدخلها من عدمه! لو مسكت أحدهم وقلت له شقيقك لا يصلي ومقصر لأعطاك الأعذار لأخيه، وكان لديه نظرية الستر، وصدق الدعوة له لأنه أخيه! لو كنت تنظر لكل المسلمين بهذه النظرة الرحيمة لما وجدت لديك سوء ظن بهم وأكلت جلودهم! ..الخ كنت أدرك أن هؤلاء ليسوا النموذج الذي يريدهم الله للمسلم الحقيقي! قرأت يوماً معلومة أن من تسعر النار بهم من كانوا يظهرون في الدنيا على أنهم صالحين! وعلمت وقتها أن النار لم تسعر بالعاصين بل بالصالحين!! ترك الله من كفر به، من الحد به، من اقترف الذنوب العظيمة ..الخ في أن تسعر بهم النار ليختار هؤلاء! وعندما تأملت هؤلاء كان استحقاق تسعيرهم بالنار لأجل ذنب خفي “الرياء”! هذا العمل الخفي الذي يصعب كشفه! ثم أدركت أن أمام الصالحين من الابتلاءات بالذنوب الخفية ما هو أعظم من الذنوب الظاهرة! هم أمام اختبار العُجب، والكبر، التكبر، والرياء …الخ الذنوب الخفية، لذلك أدركت أن هؤلاء الذين يغترون بأنفسهم، ويظنون أنهم في الفردوس الأعلى، ويدخلون هذا النار وهذا الجنة، ويسيئون الظنون بإخوانهم، ويغتابونهم لو كانوا يحفظون القرآن بالقراءات السبع، والأحاديث باتصال بسند لرسوله الكريم لهم في ذنوب أشد، وقد حرمهم الله انعكاس ثمرة العلم والفهم على أنفسهم ولم يكون في هذا العلم نجاتهم! عندما تأملت من يحرص على تعلم العلم ويحرص على حمله “أي علم” كنت دائماً أسأل ما الصورة التي يحبها الله ويردها للمتعلم؟! لو قلنا هنالك صورة الإنسان الحاف كيف يردها الله، صورة الإنسان العابد، صورة الإنسان المتعلم؟! تأملت كثيراً صورة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، صورة الأنبياء، صورة الصحابة (ومازلت أتأمل) رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام حتى يرتسم المشهد لكم، هو ليس نبي فقط يتنزل عليه الوحي، هو حاكم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، هذا النبي وهذا الحاكم، وهذا العالم، وهذا العابد ..الخ عندما تتأمله  تشعر أنه لا يدرك حقيقة من يكون( أعذروني على هذه اللفظة ) لكن حتى تصل لكم الفكرة ، هذا النبي ينام تحت الأشجار وهو النبي، والحاكم، والعالم ، عندما يدخل بيته ولديه الكثير من النساء والخدم ليقوموا بخدمته ، عندما سألت أمنا عائشة: (ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله – تعني: خدمة أهله) وفي حديث أخر (قالت عائشة رضي الله عنها: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته) وسألت في حديث أخر أيضاً (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ قالت: “كان بشرًا من البشر، يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه”) أبو بكر رضي الله عنه عندما ولي خليفة على المسلمين حمل الأثواب ليذهب لسوق واستوقفه بعض الصحابة ..الخ القصة ، عمر رضي الله عنه ينام تحت الأشجار وقصة دخوله بيت المقدس وتسلمه المفتاح تكفي، وقصص كثيرة لرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وصحابته، وللأنبياء، عندما تصل للعلم الحقيقي والفهم تشعر أن أدراكك لنفسك يتلاشى! ولا ترى لنفسك أي قيمة حقيقة!، ولا تنتظر قيمتك من خلال الناس، وكأن العلم يورثك انكسارات داخلية، كلما تشرب العلم في داخلك كنت تجاهد أن تطبقه وينعكس عليك، وعلى أخلاقك، وكأنه يورثك ثقلاً يلصقك في الأرض لتعرف حقيقة مآلك، وكلما تشربت العلم واغتررت بنفسك، وأحببت مقامك الذي تصنعه لنفسك، ويصنعه الناس لك، كلما امتلأت في داخلك أشبه بالبالونة تطير بك فوق أراضي الوهم! ويوماً ستصحو على صوت ارتطامك! أو ستفيق ولن تجد في عالمك الذي صنعت سوى أنت، وهذا ستشعر به عندما يتقدم بك العمر وسيخلفك الناس وحيداً! لذلك هنالك من تأخذ علمه ولا تأخذ شخصه! لن تسير معه في طريق واحد أبداً لأنك تعرف أخلاقه! لم يورثه العلم أخلاقاً، أو سيورثه أخلاقاً مصطنعة مقلدة!! تخدم خداعه الذي يعيش فيه!

رأيت أخلاقاً مصطنعة، رأيت تواضعاً مصطنعاً، رأيت عفوية مصطنعة!

 رأيت الكثير من الأشياء المصطنعة!

عندما تملك أخلاق حقيقة سيحبك الناس ويلتفون حولك حتى لو لم تملك العلم!

عندما تملك عقلاً ينتج علماً، ونفساً تحب العلم وتفهمه، لكنك بلا أخلاق، وأول ما يشتمونه منك رائحة اغترارك بنفسك!

سيأخذون نتاج علمك وإن كانوا عادلين سيثنون على علمك!

 لكن لن يسعون أبداً لسير بجانبك!

عندما يشرئب العلم في داخلك، وتسعى لتطبيقه، وسينعكس عليك بالأخلاق وسينسيك حقيقة نفسك لو كنت حتى أعلم أهل الأرض لن تفرق معك أبداً!

 سيحبك كل شيء في هذا الكون وستلمس نور الله في داخلك!

أضف تعليقًا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.