حوار مع دكتور قابل لنشر !
بعد أن تخرجت من الثانوي كنت أمام صدمة بخصوص علم الفيزياء، فلم أكن أتصور أهمية ذلك العلم فحدود عقلي البسيط وما تعلمته في المدرسة علم لا يتعدى الكهرباء والضوء في محيط حياتنا العادي ! لا تعتب علي فهم لم يعلمونا في المدارس قول الفيزيائي نيلز بور ” العلم الحقيقي هو الفيزياء وما عداه فجمع طوابع ” ! لم يخبرونا علاقة الفيزياء بالكون والخلق ربما خشوا علينا من أمور أكثر تعقيداً ! لأن ذلك سيبعث في عقولنا الكثير من التساؤلات والتفكر! لذلك كنا نلقن المعلومات المختارة تلقيناً متقناً تعبئة لا أكثر ولا أقل ! ولا تثير فينا أي شيء سوى الملل لذلك نفرح كثيراً بتعليق الدراسة ! وما علموا أن تلك التساؤلات والتفكير ماهو إلا طبيعة الإنسان وحقيقته ! وعندما نمنعه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فنحن نقتل الإنسان ويعيش حياة لا قيمة فيها ! نقل لنا القرآن تساؤل الأنبياء وتفكرهم وبحثهم عن ذاتهم وحقيقة الكون ! يقف نبي الله إبراهيم متأملاً الكون ومتسائلاً هذا ربي لا هذا أصغر…الخ ! وعندما استدل على الله قال “ربي أرني كيف تحيي الموتى * قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ” حتى عندما عرف ربه كان يريد مزيداً من الأجوبة ليطمئن قلبه ! وكل ذلك لا ينافي الإيمان ! يقف نبينا محمد عليه الصلوات والسلام متأملاً الكون باحثاً متسائلاً، لا يعجبه حال قومه يختلي بنفسه في غار حراء يتفكر في نفسه وفي الكون ، ليجد ذاته ويعرف ربه ! اليوم يا دكتور لك مبادرة جميلة، في حث الشباب على القراءة، وحقيقة أشكرك على قلبك الكبير المعطاء كم هم المثقفون في وطننا العربي ؟ أليسوا كثر! عندما يحمل شخص هم الشباب وثقافتهم، ويريد أن يذيقهم ويشاركهم طعم الحلوى التي ذاقها ، فهنا تكون أسمى معاني العطاء، لذلك أشكرك من أعماق قلبي على جهودك النبيلة ، لكن يا دكتور أي قارئ أنت تريد ؟! هل تريد القارئ المتفكر المتسائل الذي توقظ فيه البحث عما يستوقفه؟! أم تريد فقط قراء يطلق عليهم لقب مثقفون ؟! كنت أتساءل هل كل من يقرأ يكون قد بلغ حاجته ؟! فالقراءة حاجة نفسية، نحتاجها لنجيب على ما يشغل تفكيرنا، لذلك أول كلمة نزلت في القرآن اقرأ ؟! لكن توصلت أن هنالك قُراء فقط ألات تخزين لا أكثر ولا أقل والعيب ليس في القراءة ! عندما نشتري جهازاً ولا نحسن استخدامه فليس العيب في الجهاز بل العيب فينا نحن ! اليوم يا دكتور عندما تتأمل نتاجنا الفكري، والكتب التي تطبع تخجل أن هذا هو نتاج من يقرأون ؟! وفي المقابل عندما تتأمل النتاج الغربي تجده أكثر إثراء معرفي، لأن الطفل منذ أن يولد ويتساءل يجد من يجيبه على تساؤلاته، ويربط مباشرة بالمكتبة لتنطلق رحلته البحثية في البحث عن المعرفة ، والمعلومات التي تثيره ليكتب ويخرج لك كتاب ذا قيمة معرفية ! في الماضي المسلمين كانوا أكثر تساؤلاً وبحثاً عن المعرفة، ولا يرضون بأي معرفة لذلك كان نتاجهم الفكري عميقاً وقوياً، جعل الغرب أنفسهم يستعينون بفكرهم ! لكن اليوم نتاجنا مخجل وإن كان الشباب اليوم أكثر وعياً ، لكن يحتاج الجيل اليوم أن نبني قراء متفكرين ومتسائلين، لأن ذلك التفكر والتساؤل هو الذي يدفع للبحث والمعرفة، والإحساس بقيمة المعلومة، نحن اليوم نذكر أن أول كلمة جاء بها جبريل لنبينا محمد هي اقرأ، ونظن أن القراءة هي الدافع الأول للمعرفة، لكنا غفلنا أن الرسول لبث في الغار سنين يتفكر ويتساءل، وجاء الجواب ليقول له يا محمد جميع ما يقلقك ستجده في القراءة ، فقرأ كتاب ربك ففيه كل ما تبحث عنه ؟! هل تساءلت يا دكتور لماذا هنالك كتب مقدسة ؟ لكل دين ؟! كتاب محسوس ؟! لأن الله جل في علاه يدرك بعلمه حاجة الإنسان للمعرفة والتساؤل والتفكر، فجعل ما يروي حاجتهم للمعرفة في كتبهم المقدسة ، شيء محسوس يمسكون به ويبحثون من خلاله لتطمئن قلوبهم، وتتشبع عقولهم بالمعرفة ! فاليوم يا دكتور نريد جيل متفكراً متسائلاً، يندفع للمعرفة وليست أي معرفة بل المعرفة التي تغيرهم من الداخل، وتحسنهم ليندفعوا في خدمة دينهم ومجتمعهمl وعندما نوجد هذا الجيل سيتغير الكثير فينا ، ومنها نتاجنا الفكري ومستوى تفكيرنا ، وسيكون نتاجه ذلك المعلم الذي لم يحسن شرح مادة الفيزياء، وأشعرنا أنها لا قيمة لها وعندما كبرنا كانت هنالك غصة في حلوقنا ، أنا فرطنا بالكثير من العلوم الجميلة
فأي قارئ أنت تريد يا دكتور ؟!