مفهوم العزلة لدينا
طرح علي سؤال حول العزلة وكان هذا جوابي:
هنالك نمط انتشر لدى المثقفين وأصبحوا متناسخين في ذلك، وكأن تلك الأشياء دلالة وصبغة على المثقف! النظارات الطبية، الكتاب والقهوة، تلبس الحزن في الكتابة، الكتابة بطريقة معينة بالحركات والنقاط، أسلوب الصراحة التي فيها وقاحة لا أعلم كيف أشرح لك هذه الجزئية لكن كلما زادت صراحة ووقاحته شعر أنه مثقف عميق وصادق وصريح!! طقوس العزلة!
العزلة مرتبطة ارتباط وثيق بشخصية الإنسان، وليس لها علاقة في الثقافة وليست نمط مرتبط بها، الإنسان القارئ لأنه يقرأ ربما تدفعه القراءة والشغف فيها إلى العزلة لكن ليس بالضرورة هنالك من يقرأ ولم تعزله القراءة عن الناس! لكن مجملاً الميل للعزلة يدخل في شخصية الإنسان، رغم أنني إنسانة اجتماعية 200%100 إلا أنني لا أميل أبداً للعالم الاجتماعي ولا أجد نفسي فيه أبداً، رغم تمكني تماماً من كل ما يرتبط بهذا العالم إلا أنني أميل إلى العزلة! وأجد فيها راحتي، وأنا أستطيع أقرب لك هذا الشعور بأمثلة تقريبية البعض يرسم ومتمكن في الرسم، ويرسم لك رسمات هائلة الجمال، لكن داخلياً لا يشعر براحة والسعادة والرضى، هذا الرسام بعد فترة تحول للأعمال اليدوية ووجد أنه كلما أنهى عمل شعر بالراحة والسعادة، لذلك وجد نفسه في الأعمال اليدوية، مثلها مثل من يكتب الشعر ومتمكن فيه لكنه لا يجد داخلياً نفسه فيه، لكن حين اتجه لكتابة الرواية، أو في الكتابة البحثية وجد نفسه فيها وشعر أن روحه تتنفس، أنا هكذا لا أجد نفسي في العالم الاجتماعي! وأجد نفسي في العزلة والسلام والهدوء، وربما الكثير لا يفهم ميلي للعزلة حتى المقربين مني، وخاصة أنني أملك شخصية اجتماعية وقيادية! وكثيراً عندما ألتقي الناس ما أتهكم وأضحك وأقول إنني مزاجية، ونفسية، حتى أتخلص من كل ما يربطني بهم، وكلما قل العدد وجدت الانسجام والراحة والبساطة، يقول العقاد حول شخصية الانعزالية ” أعترف أنني مطبوع على الانطواء لكني خال من العقد النفسية! ” ويقول غازي القصيبي حول شخصية الانعزالية ” إني أتهيب لقاء أناس لا أعرفهم، ولا أزال حتى اليوم منطوياً ولا أشعر بالراحة عند ملاقاة جمهور كبير ” لذلك العزلة مرتبطة بالشخصية، لذلك لا أنصح بالعزلة لأحد، إلا إن كانت شيء من شخصيته، ولا أن يتخذها البعض كنمط ثقافي، بأن يتغنى بالعزلة ويسعى لها، ويحث عليها حتى يشعر من حوله أنه مثقف ونحوه.. الخ، لذلك أقول لك إذا كانت في العزلة راحة لك، وتجد نفسك فيها فانعزل، وإن كنت تحتاج إلى العزلة المؤقتة، كترتيب حياتك، وحالك، أو وشيء من الهدوء ففعل، لأنك ستعود بحال أفضل، إن كنت فقط تسمع المثقفين يتغنون بهذه العزلة، فأقول لك لا تفعل لأن البعض لا تنفع له العزلة! لأنها ربما تفتح له أبواب من التفكير هو في غنى عنها، هنالك كتاب اسمه هارون أخي لعبد اللطيف القرين تحدث عن الشخصية الانعزالية أو الانطوائية كشخصية ومفاهيم الناس الخاطئة تجاهه الانعزاليين وأنهم يعانون من الأمراض النفسية ونحوه ربما يشرح لك الأمر بصورة أوضح
عذراً على الإطالة
وبالتوفيق